
أعرب سكان في الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان في السودان عن خشيتهم مع ورود تقارير عن استعداد قوات “الدعم السريع” لشن هجوم على مدينتهم، فيما أعلن الجيش اعتراض طائرة مسيّرة أطلقتها الأخيرة على المدينة أمس السبت. وتقع عاصمة ولاية شمال كردفان والمركز الإقليمي على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الخرطوم، وستكون مكسباً استراتيجياً لقوات “الدعم السريع” إذا سيطرت عليها في حربها المستمرة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) عام 2023.
وأعلنت “الدعم السريع” الخميس الماضي أنها قبلت مقترح الهدنة الذي قدمه وسطاء دوليون، لكن الأمم المتحدة قالت في وقت لاحق إنه “ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد” وحذرت من مزيد من القتال في المستقبل. وقالت سعاد علي وهي من سكان حي كريمة في الأبيض، “نحن متخوفون من الوضع، خصوصاً بعد ما حصل في الفاشر”، في إشارة إلى سيطرة قوات “الدعم السريع” على المدينة الواقعة في إقليم دارفور غرب السودان. وأعقبت سيطرة “الدعم السريع” على الفاشر تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وخطف ونهب، مما أثار إدانة دولية ومخاوف من تمدد القتال إلى منطقة كردفان الغنية بالنفط.
وتقع مدينة الأبيض على طريق إمداد رئيس يربط دارفور بالخرطوم، وفيها مطار. وقالت الأمم المتحدة إن 40 شخصاً قتلوا في المدينة الإثنين الماضي بهجوم على جنازة. والأسبوع الماضي، سيطرت قوات “الدعم السريع” على بارا الواقعة إلى الشمال من الأبيض، مما دفع أكثر من 36 ألف شخص إلى النزوح من هذه البلدة وأربع بلدات أخرى في شمال كردفان على مدى ستة أيام، وفق الأمم المتحدة.
وقال أحد سكان حي القبة في الأبيض لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم ذكر اسمه، “على رغم تطمينات المسؤولين لكن ما حدث في بارا يزيد خوفنا”.وغداة إعلان قوات “الدعم السريع” موافقتها على مقترح الوسطاء للهدنة، حذرت الأمم المتحدة من “استعدادات واضحة لتكثيف الأعمال العدائية” في السودان.
ووجه مفوض حقوق الإنسان الأممي فولكر تورك “تحذيراً شديداً حول الأحداث الجارية في كردفان”، وتابع “منذ السيطرة على الفاشر، تزداد أعداد الضحايا المدنيين والدمار والنزوح الجماعي. ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد”.
وقال مصدر عسكري أمس، طالباً عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام، “أسقطت منظومة الدفاع الجوي أمس في الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان مسيّرة أطلقتها ميليشيات الدعم على المدينة”.
مع سقوط الفاشر في قبضة قوات “الدعم السريع”، تكون قد سيطرت على جميع عواصم الولايات الخمس في دارفور، مما يثير مخاوف من تقسيم السودان بين شرق وغرب. ويسيطر الجيش على غالبية المناطق الواقعة في الشمال والشرق والوسط، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
ومنذ سقوط الفاشر، فر أكثر من 80 ألف شخص من المدينة والمناطق المحيطة بها، وذكرت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة أن قسماً منهم لجأ إلى مدن طويلة وكبكابية ومليط وكتم القريبة، وكان عدد سكان الفاشر يناهز 260 ألف نسمة قبل سيطرة قوات “الدعم السريع” عليها.
وقالت مسؤولة المناصرة في المجلس النرويجي للاجئين في السودان ماتيلد فو إن كثيراً من العائلات التي وصلت إلى طويلة جاءت مع “أطفال ليسوا أطفالها”، مضيفة أن “هذا يعني أنهم مضطرون إلى المجيء مع أطفال فقدوا آباءهم في الطريق، إما لأنهم اختفوا، اختفوا في خضم الفوضى، وإما لأنهم اعتقلوا، أو لأنهم قتلوا”.
وأفاد ناجون بأن النساء والرجال جرى فصلهم عند محاولتهم مغادرة الفاشر، وأن مئات الرجال اعتقلوا في البلدات القريبة. ولم يكشف عن تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته دول الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات. ولم ترد الحكومة الموالية للجيش علناً على مقترح الهدنة حتى الآن.
وقال حاكم دارفور المتحالف مع الجيش مني أركو مناوي الذي يعمل في مدينة بورتسودان، العاصمة الموقتة للمعسكر الداعم للجيش في شرق البلاد أمس إن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد تراجع قوات “الدعم السريع”.
وأورد مناوي في منشور على منصة “إكس” أن الهدنة يجب أن يسبقها “انسحاب الجنجويد والمرتزقة من المناطق السكنية والمستشفيات والمدن والإفراج عن المختطفين بمن فيهم الأطفال والنساء وتأمين عودة النازحين”، مضيفاً أن “أية هدنة بغير ذلك تعني تقسيم السودان”.
وأدت الحرب في البلاد إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليوناً، وتسببت بأزمة جوع حادة.ش
